المشاريع و البرامج

23 ذو القعدة، 1442 03:23 م

تُعد فكرة المشروعات التربوية من الأمور التي دائما ما ينادي بها التربويون، ويزداد الاهتمام مع تنامي البحث عن بيئة تعليمية تعلّمية جاذبة تُكسب الطلاب قدرات وأساليب في التعامل مع أوعية المعلومات الحديثة ومتطلبات الحياة بطريقة علمية مفيدة تخدم الفرد ذاته وتجعله عضواً فاعلاً في مجتمعه.

 

ومع دخول العالم الألفية الثالثة بدأت حقبة جديدة مثيرة من التقدم نتيجة للتطورات العلمية والتكنولوجية التي حدثت خلال الخمسين عاماً الأخيرة من العام المنصرم، وكان للتطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نتيجة التقدم الكبير في شبكات المعلومات وعلوم الحاسبات والإنترنت أثر كبير في مجالات الحياة المختلفة.

 

هذا وتؤكد الدراسات أن التقدم المتوقع حدوثه في القرن الحادي والعشرين سوف يكون تقدماً هائلاً في مجال الهندسة الوراثية، والتكنولوجيا الحيوية، والتكنولوجيا البيئية، وعلوم الفضاء والجراحات الطبية الدقيقة، بما سوف ينعكس على تطور حياة الشعوب في مجتمعاتها المختلفة.

 

وقد زامن هذه التطورات العلمية أن بدأ العالم يموج بتيارات فكرية مختلفة تمثل إنعطافاً معرفياً وثقافياً واقتصادياً واجتماعياً وحضارياً في تاريخ الأمم والشعوب. كما أن ما أفرزته تكنولوجيا المعلومات والاتصال من تحديات أحدثت فجوات في عالمنا هذا، متخذة شتى المسميات، منها: الفجوة الرقمية، والفجوة التقنية، والفجوة الغذائية، والفجوة الصحية، والفجوة المعرفية، وغيرها من الفجوات التي تفرض علينا مطلباً حتمياً في مراجعة وإعادة النظر في أنظمتنا التربوية من حيث التشريعات والسياسات وهياكلها التنظيمية لتعطي مزيداً من المشاركة المجتمعية في العمل التربوي وتطويره، هذا العمل الذي تتمحور غاياته وأهدافه حول الإنسان وقيمته وتنمية شخصيته المتكاملة في المجتمع.

 

لذلك لم يعد الاهتمام قاصرا على تحصيل المعلومة فقط بل أصبح الاهتمام بأهداف أخرى تعمل على تنمية المهارات المتنوعة لدى المتعلمين.

 

 

ولما كانت المناهج الدراسية أداة لتربية الفرد القادر على التفكير العلمي السليم المتفهم لطبيعة عصره، كما أن طرق التدريس تعتبر أحد مكونات هذه المناهج. لذا وجب إعادة النظر في هذه الطرق التي تعتمد على التلقين، والبحث عن طرق جديدة لتحقيق هذه المتطلبات الملحة.

 

فالتلقين يصب المتعلمين في قوالب جامدة من الحفظ والاستظهار مما يفقدهم القدرة على الفهم والتفكير العلمي السليم، وطرح الأفكار الإبداعية المبتكرة. أما الطرق التدريس الحديثة يكون فيها المعلم موجها ويكون فيها المتعلم مشاركا بنسبة عالية في العملية التعليمية ويتركز الاهتمام فيها على ممارسة عمليات التعلم المختلفة واكتساب المتعلمين لمهارات وسلوكيات إيجابية مثل الاعتماد على الذات، والثقة بالنفس، وبث روح التنافس الهادف، والتعاون فيما بينهم.

 

وتعد المدرسة من أكثر المؤسسات التربوية شيوعاً في العالم أجمع، حيث  لا يخلو مجتمعاً منها لارتباط التعليم فيها ارتباطاً مباشراً. كما وأن التعليم نفسه يعد أيضاً من الأنشطة البشرية الأكثر عالمية في الوقت الذي نجده شديد الذاتية الذي يعود إلى اختلاف أساليب التوظيف المجتمعي للتعليم، علماً أن كل هذا يرجع إلى اختلاف النظم السياسية  والتربوية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بين المجتمعات الإنسانية. من هنا ظهر الاتجاه الحديث  في مجال التوظيف الاجتماعي للتربية والذي ركز  على النظام التعليمي ومراحله المختلفة من أجل تحقيق العبور الآمن  للقرن الحادي والعشرين معتمداً  على أربعة أعمدة رئيسية هي: التعلم للمعرفة، والتعلم للعمل، والتعلم للعيش مع الآخرين والتعلم لتكون، هذه الأعمدة الرئيسية للتربية جاءت لتخرج  المدرسة من إطارها التقليدي ذات الصفة البيئية الضيقة  المحصورة في جدرانها الأربعة لتدخلها  في رحاب المجتمع الواسع ببيئته المجتمعية التي يتسع نطاقها باطراد يوم بعد يوم.

 

إن مدخلات  العمل التربوي متنوعة ومتشابكة في علاقة ديناميكية   في  آن واحد، متمثلة في  فلسفة التربية وأهدافها، و أفراد المجتمع وموارده الطبيعية والاقتصادية، وطبيعة بنية النظام الاجتماعي والسياسي، وهذه كلها تشمل متغيرات لها امتداداتها حيث  أن كل واحدة منها تشكل نظام في حد  ذاته. كما أن ما يواجه العمل التربوي

 

من مشكلات وتحديات  ما هو إلا سبب يعود إلى التهميش للأسس الاجتماعية للتربية  ودورها  في المجتمع. من هنا جاء الاتجاه الحديث للتربية والذي يدعو إلى المشاركة  الجدية للمناطق التعليمية  في استحداث برامج ومشروعات تربوية إصلاحية من جانب وتطويرية إبداعية من جانب آخر،  تنطلق من  خصوصية البيئة المجتمعية المحيطة بالمدرسة والقائمين عليها بمتغيراتها الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والمعرفية.  من هنا بدأ التفكير في أن المدرسة كمؤسسة  اجتماعية  قادرة على أن تقوم بمشاريع تربوية  استثمارية تأخذ  شكلين منها تطويرية ومنها علاجية  للمشكلات التي تواجه العملية  التعليمية بصورة خاصة والتربوية بصورة عامة. لقد ظهرت العديد من البرامج  والمشروعات  التربوية متخذة مواقع مختلفة ومتنوعة، تأخذ موقعها في العمل التربوي.